لغز تراجع الين الياباني رغم تحسّن الظروف المحيطة
يواصل الين الياباني تراجعه بشكل لافت، حتى في وقت يُفترض أن تتوفر فيه عوامل تدعم عودة قوته. فعلى الرغم من توقّعات الأسواق بانحسار الفجوة في السياسات النقدية
بين اليابان وبقية الاقتصادات الكبرى، ظل الين واحدًا من أضعف عملات مجموعة العشر منذ وصول ساناي تاكايتشي تراجع الين الياباني لمنصب رئاسة الوزراء في أكتوبر.

سياسات نقدية تذكّر ببدايات “أبينوميكس”
التزام الحكومة الجديدة باستمرار السياسة التيسيرية، وقرار بنك اليابان تأجيل رفع الفائدة مرة أخرى، أعادا الأجواء التي عرفتها اليابان خلال سنوات “أبينوميكس”، الفترة التي شهدت انخفاضًا كبيرًا في قيمة الين.
لكن العامل المدهش هو أن اتجاه أسعار الفائدة لا يبرّر هذا الضعف. فبحسب تقديرات Capital Economics، لم تتدهور الظروف لصالح العملات الأخرى كما يتوقع البعض، بل إن الفجوة المتوقعة بين الفائدة الأمريكية واليابانية اتجهت فعليًا لصالح الين في الأشهر الماضية.
اختلال بين الواقع وسلوك العملة
ومع ذلك، يواصل الين الهبوط. ويُرجع بعض المحللين هذا التناقض إلى الأسعار الحقيقية شديدة الانخفاض داخل اليابان، لكنهم يشيرون إلى أن حجم الفجوة بين الأساسيات الاقتصادية والأداء الفعلي للعملة أكبر من المعتاد.
تجارة الفارق تدفع الين للأسفل
جزء مهم من الضغط الواقع على الين يأتي من تجارة المضاربة (Carry Trade)، حيث يستغل المستثمرون الفائدة اليابانية المتدنية للاقتراض بالين ثم ضخّ الأموال في أصول ذات عوائد أعلى حول العالم — ما يزيد من المعروض من الين ويضغط على قيمته.
وكانت موجة مشابهة قد ظهرت العام الماضي، لكنها انتهت فجأة عقب تدخل الحكومة اليابانية في السوق، وضعف البيانات الأمريكية، ورفع مفاجئ للفائدة. وعلى الرغم من أن مراكز المضاربة اليوم ليست كبيرة كما كانت، إلا أنها تبقى عنصرًا لا يمكن تجاهله.
الهواجس المالية… تأثير أقل مما يُشاع
طرح بعض المستثمرين مخاوف بشأن السياسات التحفيزية لرئيسة الوزراء الجديدة، إلا أن خبراء Capital Economics يرون أن هذه المخاوف مبالغ فيها، خصوصًا أن اليابان تسجّل حاليًا فائضًا ماليًا طفيفًا يمكن أن يمنحها مرونة أكبر.
ورغم ارتفاع عوائد السندات اليابانية هذا العام، إلا أنها لا تزال منخفضة إذا ما قورنت بتسارع التضخم تراجع الين الياباني الذي بدأ أخيرًا يأخذ شكلاً طبيعيًا.

الين عند مستويات تاريخية منخفضة
وعلى المدى الطويل، يبدو الين ضعيفًا بشكل غير مسبوق. فمن حيث قيمته الحقيقية مقارنة بسلة شركائه التجاريين، يُسجّل الين اليوم أضعف مستوى له منذ السبعينيات.
كما أن تحسّن شروط التجارة وعودة الحساب الجاري لتحقيق فائض كبير يجعل هذا الضعف أقل منطقية، وفقًا لمؤشرات تعادل القوة الشرائية لدى OECD التي تشير إلى أن الين “أصبح منخفض القيمة بشكل غير مسبوق” مقارنة بالدولار.
هل تكفي مستويات الضعف لعودة الصعود؟
يرى الخبراء أن انخفاض القيمة وحده لا يكفي لتحريك السوق. فالانتعاش يتطلب محفزًا قويًا قادرًا على تغيير التوقعات ودفع المستثمرين لإغلاق مراكز المضاربة. أما التدخل الحكومي، فهو يبقى حلًا مؤقتًا فقط إذا لم ترافقه تغييرات جوهرية.
ما السيناريوهات المحتملة للمرحلة القادمة؟
هناك محفزان رئيسيان قد يعيدان التوازن:
وتتوقع Capital Economics أن يبدأ الين باستعادة قوته تدريجيًا، مع هبوط زوج الدولار/ين نحو 150 بنهاية هذا العام، ثم إلى 140 تقريبًا في نهاية 2026

www.infinityecn.com