الذهب والفضة عند قمم تاريخية وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية
سجّل الذهب مستوى قياسيًا غير مسبوق خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، بعدما اخترق الحاجز النفسي البالغ 4,500 دولار للأوقية، مدفوعًا بإقبال كثيف من المستثمرين على المعدن الأصفر بوصفه ملاذًا آمنًا، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وفنزويلا، بينما واصلت الفضة بدورها مسارها الصاعد لتلامس قممًا تاريخية جديدة
وجاء هذا الارتفاع القوي مدعومًا بتنامي حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، إذ أوضح تيم ووترر، كبير محللي الأسواق في شركة “كيه سي إم تريد”، أن التوترات الجيوسياسية عززت مكانة الذهب كأداة تحوط رئيسية، مشيرًا إلى أن الأسواق تشهد تحولًا واضحًا في تموضع المستثمرين نحو المعادن النفيسة، مع تصاعد التوقعات باتجاه السياسة النقدية الأميركية نحو مزيد من التيسير
ومع كسر الذهب مستوى 4,500 دولار وتسجيل مكاسب تجاوزت 70% منذ بداية العام، باتت التطورات السياسية، وفي مقدمتها الأزمة الأميركية الفنزويلية، عاملًا محوريًا في توجيه حركة الأسعار، بالتوازي مع رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة الأميركية خلال العام المقبل
وتلقى الذهب دعمًا إضافيًا بعد تقارير أفادت بإمكانية إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعيين رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في وقت مبكر من يناير، في وقت تسعّر فيه الأسواق احتمال تنفيذ خفضين لأسعار الفائدة، ما عزز شهية المستثمرين تجاه الأصول غير المدرة للعائد، وعلى رأسها الذهب
ولا تقتصر أسباب الصعود على العوامل السياسية والنقدية فحسب، إذ يستفيد الذهب أيضًا من مشتريات البنوك المركزية، وتراجع الاعتماد العالمي على الدولار، إلى جانب عودة التدفقات الاستثمارية إلى الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، وهو ما أسهم في دفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة
وفي سياق متصل، واصلت الفضة تحقيق أداء لافت، إذ ارتفعت في المعاملات الفورية إلى مستويات قياسية جديدة، لترتفع مكاسبها منذ بداية العام بأكثر من 140%، متفوقة على الذهب، بدعم من العجز في المعروض، والطلب الصناعي القوي، وتزايد الإقبال الاستثماري عليها
ويرى محللون أن الأسواق قد تشهد فترة تهدئة مؤقتة خلال عطلة الأعياد نتيجة انخفاض السيولة، إلا أن الاتجاه الصاعد للمعادن النفيسة لا يزال قائمًا على المدى المتوسط، مع توقعات بعودة الزخم بقوة مع بداية العام الجديد، واستهداف الذهب مستويات أعلى قد تصل إلى 5,000 دولار للأوقية، بينما تبقى الفضة مرشحة لمواصلة الصعود على المدى الطويل
ويعكس الأداء القوي لبقية المعادن النفيسة، وعلى رأسها البلاتين والبلاديوم، موجة الصعود العامة التي تسيطر على القطاع، في ظل بيئة عالمية تتسم بارتفاع المخاطر الجيوسياسية، وتراجع الثقة بالعملات، وتعاظم دور المعادن كأداة للحفاظ على القيمة وتنويع المحافظ الاستثمارية

