الليرة التركية عند قاع جديد… تراجع متواصل وسط ضغوط الثقة والتضخم المتصاعد
واصلت الليرة التركية مسارها الهابط لتسجل مستوى قياسيًا جديدًا أمام الدولار الأمريكي اليوم الجمعة، في ظل سياسة نقدية تسمح بانخفاض العملة بوتيرة أبطأ من التضخم،
وسط ضغوط متزايدة على ثقة المستثمرين في الاقتصاد المحلي.
فقد تراجعت الليرة بنسبة 0.3%، مقتربة من أسبوعها الخامس عشر على التوالي من الخسائر، الليرة التركية بعدما فقدت نحو 16% من قيمتها منذ بداية العام.
وفي الأسواق، اخترق زوج الدولار/الليرة مستوى 41.9550، وهو أعلى مستوى تاريخي جديد يعكس موجة شراء قوية للدولار مدفوعة بتراجع الثقة بالعملة المحلية وتزايد الطلب على الذهب كملاذ آمن.

ضغوط السوق وثقة المستثمرين
قال إمره أكشاكماك، المستشار الأول لدى East Capital Group، إن استمرار تراجع الليرة “لم يعد مفاجئًا”، موضحًا أنها “تسجل مستويات متدنية جديدة أمام الدولار بشكل شبه يومي منذ عام 2023”.
وأضاف أن المستثمرين يركزون حاليًا على عاملين أساسيين:
مدى امتلاك البنك المركزي لاحتياطيات كافية تسمح بهبوط منظم للعملة.
وتيرة هذا الهبوط ومدى قدرة البنك على التحكم فيها.
وأكد أكشاكماك أن السياسة النقدية التركية تهدف إلى مواءمة تراجع العملة مع معدلات التضخم، بما يضمن مسارًا أكثر استقرارًا في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
السياسة النقدية واتجاهات التضخم
تتبنى الحكومة التركية ما يُعرف بـ سياسة “التقدير الحقيقي”، والتي تهدف إلى إبقاء خسائر الليرة أقل من معدل التضخم لضمان توازن نسبي في القوة الشرائية.
ورغم أن التضخم تسارع في سبتمبر بوتيرة فاقت التوقعات، فإن البنك المركزي واصل السماح بتراجع تدريجي للعملة.
ورغم أن البنك توقف مؤخرًا عن الإشارة المباشرة إلى هذه السياسة في بياناته الرسمية، إلا أنه أكد أن هذا النهج ما زال انعكاسًا طبيعيًا لتوجهاته النقدية العامة.

رؤية الأسواق والمحللين
يرى محللون في بنك مورغان ستانلي، من بينهم غيورغي ديانوف، الليرة التركية أن البنك المركزي التركي قد يتجه في المرحلة المقبلة إلى إبطاء وتيرة تراجع الليرة في محاولة لخفض الضغوط التضخمية،
مع الإبقاء على معدلات فائدة حقيقية مرتفعة لدعم الاستقرار المالي.
وبحسب بيانات بلومبرغ، بلغت التقلبات الضمنية في زوج الدولار/الليرة أدنى مستوياتها منذ مارس الماضي، في حين سجل متوسط الخسائر اليومية خلال الأشهر الستة الماضية نحو 0.08%،
وهو ما يعكس انضباطًا نسبيًا في وتيرة التراجع رغم استمرار الاتجاه الهابط.
