اليورو والدولار… علاقة قوة تتبدل كل عقد!
منذ أكثر من 25 سنة، يعيش العالم على إيقاع المنافسة بين اليورو والدولار الأمريكي. هاتان العملتان لا تحددان فقط أسعار الصرف،
بل ترسمان صورة الاقتصاد العالمي بأكمله. في بعض السنوات يكون الدولار هو الأقوى، وفي أخرى يعود اليورو للواجهة — وكأن
القوة تتبدّل بينهما كل عقد من الزمن!
بداية المنافسة
منذ إطلاق اليورو عام 1999، بدأ العالم يراقب كيف سيتعامل مع “العملة الجديدة” أمام الدولار، الذي كان وما زال العملة الأولى في العالم.
في البداية كان الدولار متفوقًا بوضوح، لكن مع مرور الوقت، استطاع اليورو أن يثبت نفسه، خاصة بعد أن أصبحت أوروبا قوة اقتصادية
موحدة تضم أكثر من 20 دولة. في أزمات مثل الركود العالمي عام 2008 أو جائحة 2020، كان الدولار يكسب قوته لأنه يعتبر ملاذًا آمنًا وقت الخطر.
أما في فترات الاستقرار، فغالبًا ما يستعيد اليورو جزءًا من مكانته بفضل التصدير القوي والاقتصاد الصناعي المتنوع في أوروبا.
عام 2025: مرحلة جديدة
هذا العام يشهد تحولًا لافتًا في العلاقة بين العملتين. فبعد عامين من القوة الكبيرة، بدأ الدولار يتراجع مع توقعات أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي
الأمريكي بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد. هذا التراجع أعطى فرصة لليورو كي يتحسن، فارتفع من 1.07 إلى 1.16 دولار خلال الأشهر الأخيرة،
وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عام. لكن هذه القوة لا تعني أن أوروبا تجاوزت أمريكا؛ بل هي نتيجة لتراجع مؤقت في الدولار، أكثر من كونها انتصارًا اقتصاديًا لليورو.
الفارق بين القوتين
الفرق الرئيسي بين العملتين هو في النظام خلف كل واحدة منهما:
الدولار الأمريكي تدعمه حكومة واحدة، وسياسة مالية موحدة، وسوق ضخمة للسندات والاستثمار.
اليورو يمثل مجموعة دول، ولكل منها اقتصاد مختلف وديون مختلفة، مما يجعله أحيانًا هشًّا أمام الأزمات الداخلية مثل ما يحدث في ألمانيا أو فرنسا.
لذلك، في أوقات الأزمات يهرب المستثمرون إلى الدولار، بينما في أوقات الهدوء يفضلون اليورو بحثًا عن التنوع.

من الأقوى الآن؟
حاليًا يمكن القول إن القوة متقاربة بين العملتين.
الدولار لا يزال المسيطر عالميًا بسبب دوره في التجارة والاحتياطي، لكنه يتراجع تدريجيًا مع تراجع الفائدة.
أما اليورو فيستفيد من هذا التراجع ليُظهر بعض القوة، خاصة مع تحسن الاقتصاد الأوروبي نسبيًا وعودة النشاط الصناعي في بعض الدول.
المستقبل: من سيربح الجولة القادمة؟
يتوقع المحللون أن تستمر المنافسة بين العملتين خلال السنوات القادمة، لكن من غير المرجّح أن يخسر الدولار مكانته كعملة العالم الرئيسية.
في المقابل، يمكن للآخر أن يواصل التقدم إذا استطاع الاتحاد الأوروبي الحفاظ على استقراره الاقتصادي والسياسي. بمعنى آخر، العلاقة بين
اليورو والدولار ستبقى متوازنة — أحيانًا يتفوق الدولار، لكن لا أحد منهما سيختفي من القمة.
الخلاصة
العملتان يشبهان ميزان القوة في الاقتصاد العالمي كل عقد من الزمن يتبدّل اتجاه الكفة، لكن المنافسة لا تنتهي أبدًا.
وفي 2025، يبدو أننا أمام بداية دورة جديدة قد تمنح اليورو بعض القوة، بينما يستعد الدولار لمرحلة هدوء مؤقتة قبل أن يعود للمقدمة من جديد.

www.infinityecn.com