الذهب عند مفترق تاريخي والطاقة متقلبة: الأسواق تختبر حدودها مع نهاية العام
شهدت الأسواق العالمية خلال تعاملات نهاية الأسبوع حالة من التباين الواضح، في ظل تحركات متباينة لأسعار الطاقة، مقابل دخول الذهب مرحلة اختبار تاريخية شديدة الحساسية، وذلك بالتزامن مع استقرار نسبي في أداء الدولار الأميركي
ارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام خلال التداولات الآسيوية يوم الخميس، حيث جرى تداول عقود فبراير عند مستوى 58.35 دولارًا للبرميل، محققة ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.09%، بعد أن لامست المستوى ذاته في وقت سابق من الجلسة. وتشير المستويات الفنية إلى أن الخام الأميركي قد يجد دعمًا عند 55.82 دولارًا، فيما تبرز مقاومة قريبة عند 58.75 دولارًا للبرميل
وفي المقابل، تراجعت عقود نفط برنت لشهر فبراير بنسبة 0.14% لتتداول عند 62.29 دولارًا للبرميل، ما أدى إلى اتساع الفارق السعري بين خام برنت وغرب تكساس الوسيط ليصل إلى نحو 3.94 دولارات للبرميل، وهو ما يعكس استمرار اختلاف التوقعات المتعلقة بتوازن العرض والطلب في الأسواق العالمية
أما في السوق الأميركية، فقد تعرضت أسعار الغاز الطبيعي لضغوط بيعية قوية خلال تداولات يوم الأربعاء، حيث انخفضت عقود يناير بنسبة 4.13% لتسجل 4.23 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بعد أن كانت قد لامست مستوى 4.18 دولارات خلال الجلسة. ويُظهر التحليل الفني أن الغاز الطبيعي قد يجد دعمًا عند 3.797 دولارات، مقابل مقاومة عند 4.576 دولارات، وسط مخاوف تتعلق بوفرة المعروض وتوقعات الطقس
ارتفعت العقود الآجلة للذهب بشكل طفيف خلال الجلسة الآسيوية، حيث جرى تداول عقود فبراير عند 4,505.40 دولارات للأونصة دون تغير يُذكر، في ظل حالة من الترقب والحذر تسيطر على المستثمرين. ويقف الذهب حاليًا عند مستويات فنية حساسة، مع دعم عند 4,336.30 دولارات، ومقاومة عند 4,555.10 دولارات للأونصة
وفي السياق ذاته، استقرت عقود الفضة لشهر مارس عند 71.88 دولارًا للأونصة، كما حافظ النحاس على استقراره قرب 5.57 دولارات للرطل، في ظل غياب محفزات قوية تدفع بأسعار المعادن الصناعية نحو اتجاه واضح
ورغم هذه التحركات اليومية المحدودة، فإن الصورة الأوسع للذهب تبدو أكثر تعقيدًا، إذ يقف المعدن النفيس عند نقطة تاريخية شديدة الحساسية عند قياسه بحجم المعروض النقدي الأميركي، وهو مستوى لم يتمكن من تجاوزه منذ عام 2011، ولم يُخترق بشكل مستدام منذ سبعينيات القرن الماضي، وهي المرحلة التي سبقت قفزة تاريخية في أسعار الذهب تجاوزت ثلاثة أضعاف
وتُظهر هذه المقارنة، التي تأخذ في الاعتبار النقد المتداول والودائع المصرفية والمدخرات السائلة، القيمة الحقيقية للذهب بعيدًا عن الأرقام الاسمية. تاريخيًا، تحولت هذه النسبة إلى منطقة مقاومة قوية، غالبًا ما مثلت نقطة فاصلة بين استكمال موجات صعود كبرى أو الدخول في مراحل تهدئة وتصحيح
ويأتي هذا المشهد بعد أن حقق الذهب مكاسب لافتة بلغت نحو 70% منذ بداية العام، مدعومًا بتزايد الطلب التحوطي، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، وتنامي الشكوك حول استدامة السياسات النقدية والمالية العالمية. هذه الوتيرة السريعة من الارتفاع تعزز المقارنات التاريخية، وتزيد من حساسية المرحلة الحالية
وعلى المدى الطويل، تعكس العلاقة بين الذهب والسيولة نمطًا متكررًا يرتبط بتراجع الثقة في القوة الشرائية للعملات، إلا أن وصول الأسعار إلى مستويات مقاومة تاريخية يضع الأسواق أمام اختبار حاسم، إما باختراق جديد يعكس تحولًا هيكليًا أعمق، أو بتصحيح مؤقت يعيد ترتيب مراكز المستثمرين قبل تحديد الاتجاه المقبل

